محمد اكويندي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

محمد اكويندي

مرحبا بكم في منتدى محمد اكويندي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصص قصيرة جدا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد اكويندي
Admin
محمد اكويندي


عدد الرسائل : 164
تاريخ التسجيل : 22/12/2006

قصص قصيرة جدا Empty
مُساهمةموضوع: قصص قصيرة جدا   قصص قصيرة جدا Icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 23, 2007 3:42 pm

[]قصص قصيرة جداً
د. سناء شعلان-
(1)
الطفل الأعجوبة
اعترف الجميع بأنّ طفلها أعجوبة مخيفة، فقد وُلد أبيضَ من غير سوء، مُكتنز الأعضاء، دون قدمين أو يدين، وبوجه دائري متسع، يكسوه استواءٌ مخيف، وتعلوه رتابة دائمة، إذ لا أنف أو عينين أو فم أو أذنين له، ولكنّه طفلها العزيز الحبيب، الذي نجتْ به بعد أن اجتاح العدو الصهيوني قريتها، فشرّد الأهل، وقتل الزوج، وحال دون الأبناء، فنجتْ بجلدها وبطفلها الرضيع الأعجوبة، الذي تعلّمت أن لا تتركه ولو للحظة في سريره يداعبُ نوماً لذيذاً، فقد يداهم العدو الصهيوني المكان في أيّ لحظة، ويسلبها طفلها الحبيب هو الآخر.
أليس من حق الأم بل من واجبها أن ترعى طفلها الرضيع؟! ليس في ذلك أيّ عجب، إذن لماذا يطاردها أولئك الصغار الحمقى من شارع إلى آخر، ويصرخون في وجهها قائلين: هذه هي المجنونة التي تحمل مخدّة ليل نهار!!؟
(2)
تمثال الحرية
جاء مع والده إلى أرض الحريّة كي يتعالج من مرض عضال، همس الأب في أذنه قائلاً: من هنا جاء أولئك الجنود الذين قتلوا أبناء صفك، وخطفوا عمّتك، وخرّبوا حديقة الزهور. صمتْ الصغير، وانكمش على نفسه وهو يرمق التمثال الأصمّ، كان تمثالاً كبيراً، برأس أنثوي متوهج، وبيدٍ تحمل مشعلاً كبيراً هو أوّل ما لفتَ نظره في تلك البلاد، اقترب من أبيه، وسأله بفضول: تمثال من هذا يا والدي؟
قال الأب بلا حماس: تمثال الحريّة...
قال الصغير بفرح من وجد سكاكر في يد مقفلة راهن عليها: فهمت. هم إذن يشيدون التماثيل لموتاهم، تماماً كما نفعل نحن في بلادنا...
أومأ الأب بإيماءة غير مفهومة، وشدّ بحزم على يد ابنه الصغير، وانطلقا نحو المستشفى.


(3)
المطاردة
المطاردة هي اللعبة الوجودية الوحيدة التي عرفتها وورثتها عن أسلافها، كما ورثها ذلك الشبل الصغر عن سلالته الدامية من السّنوريات، كما تمنّت أن تداعب الماء دون وجل، أو أن تتسكع في البراري دون خوف، لكن ذلك الشبل طاردها دون كلل، فقد كانت طِلْبته، فسيقانها الرشيقة هيّجتْ ثورة القرم فيه فعكّر صفو أيامها، وحرمها من صغير أمنياتها، وما رحم جمال عينيها، ولا ألف نفرتها.
بدأ اليوم بمطاردة إجبارية اعتيادية، وعندما كاد قلبها يتوقف تعباً، وحنّت أوصالها إلى الراحة، ونازعتها نفسها إلى الاستسلام، توقّفت إثر قرارٍ جنوني مفاجئ، وقالتْ للشبل الذي يزدرد لهاثه وتعبه: يا هذا! توقف قليلاً، وقل لي: لماذا تطاردني ليل نهار؟
قال الشبل وهو يحاول أن يجمع شتات أفكاره: لأنّكِ ظبية، وأنا شبل، والأشبال تطارد الظباء، هذا هو قانون الغاب.
قالتْ الظبية بخضوع ورجاء: ولكن لماذا لا نكون أصدقاء؟ فنلعب ونمرح ونسعد بالحياة بحق، بدل هذه المطاردة التي أوهنتنا وأتعبتنا، ومزّقت سعادتنا وأيامنا؟
قضّبَ الشبل حاجبيه، ورقّص ذنبه الفتي ذا الشعرات الكثيفة، وقال: تبدو لي فكرة الصداقة واللعب فكرة جميلة. تساءلتْ الظبية بوجل ورجاء وسعادة: إذن نكون أصدقاء؟!
قال الشبل: نعم، لنكن أصدقاء، لنلعب معاً.
الظبية: ولتكن لعبتنا مسلية ومثيرة وحيوية.
قال الشبل بانفعال: نعم، لتكن لعبتنا مسلية ومثيرة وحيوية، ولكن ما هي اللعبة التي تقترحين؟
قالتْ الظبية بحماس من وجد ضالته: ما رأيك بأن نلعب لعبة المطاردة؟
- كيف؟
ردّتْ الظبية بحماس: أنا أركض، وأنتَ تحاول الإمساك بي.

(4)
لوحة جميلة
كان أفقر شخص في المدينة، وأفضل رسّام فيها، اعتاد على أن يرسم لوحة كلّ يوم، وعلى أن يبيعها في حانة المدينة بزهيد المال، ثم يتناول بثمنها طعام العشاء، وجبته اليومية الوحيدة، ثم يشتري الخمر بالباقي من المال؛ لينسى لوحته المسكينة التي باعها ليشتري بها الطعام والخمر.
رسم في ليلة جاع فيها كثيراً أرضاً خضراء، ومياه رقرارة، وشمساً مشرقة، ووجوهاً باسمة، وطيوراً سعيدة، وباباً صغيراً. اجتهد كي يبيع لوحته في الحانة، لكن أحداً لم يرغب بها، حدّق في لوحته الجميلة، مسح دمعتين سخينتين انزلقتا على وجنتيه، وفتح باب اللوحة، ودلف إلى عالم اللوحة الجميل، وأقفل الباب بقوة.


(5)
مرايا
كان عاشقاً للأجساد النسائية الجميلة، والأعضاء المتناسقة، والعيون المشقوقة بعناية، ومتيّماً بالعطور الفرنسية، والملابس التي تواكب آخر صرعات الموضة، لا سيما تلك التي تجتهد كي تظهر من الجسد أكثر مما تُخفي، كان يرى بعينيه فقط دون قلبه، فيرى الأجساد البشعة، ويغفل عن الأرواح الجميلة، لذلك لم يكن سعيداً.
أصابته صاعقة عجيبة في ليلة غير ماطرة، بل صافية للغاية، فأصبح يرى بقلبه لا عبر عينيه، فنعم بصداقة الأرواح الجميلة وبحبّها، وأحبّها هي بالذات، فقد كانتْ صاحبة أجمل روح قابلها. سخر الأصدقاء من حبيبته المسخ، وكرهتها الأم والشقيقات، وحوقل الأب عندما قابلها، لكنّه يحبّها، وسيتزوّجها، فهي أجمل امرأة قابلها في حياته، وإن كان الجميع يعجزون عن رؤية جمالها، حتى تلك المرايا تخونها، وتظهرها بسحنةٍ دون جمالها، ولكن... من يحتاج إلى المرايا؟!!


قصص قصيرة جدا User_offline
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mohamedgouindi.kanak.fr
 
قصص قصيرة جدا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
محمد اكويندي :: مختارات-
انتقل الى: