محمد اكويندي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

محمد اكويندي

مرحبا بكم في منتدى محمد اكويندي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصص لكفاكا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد اكويندي
Admin
محمد اكويندي


عدد الرسائل : 164
تاريخ التسجيل : 22/12/2006

قصص لكفاكا Empty
مُساهمةموضوع: قصص لكفاكا   قصص لكفاكا Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 19, 2007 6:18 am

ثلاث قصص قصيرة لفرانز كافكا


صالح كاظم


ترجمها عن الألمانية صالح كاظم

شعار المدينة
بدءا، أثناء الإعداد لبناء برج بابل، جرى كل شيء على مستوى رفيع من التنظيم المرهق، ويمكن القول في ظل إجراءات مبالغ فيها، حيث جرى تحضير الدلالين والمترجمين وبيوت سكن العمال وبناء الطرق بدقة متناهية، كما لو كنا بمواجهة عمل هائل، يستغرق تحقيقه مئات السنين. وتماشيا مع الرأي السائد حينذاك كان من المفروض أن يجري قصص لكفاكا T_52be0978-813c-4baa-abfc-5f5c77bb428cالعمل على هذا المشروع ببطء شديد، ولكي لا نبالغ بالتبشير بهذا الرأي توقفنا عن وضع الأساس: أهم ما في هذا المشروع هو فكرة إنشاء برج يصل الى السماء. كل ما عدا ذلك غير مهم. وحين يتم إستيعاب عظمة هذه الفكرة فأنها لن تزول. وطالما مازال هناك بشر، توجد رغبة قوية لإتمام بناء البرج. من هنا يبدو القلق حول المستقبل غير مبرر، بل العكس هو الصحيح، فالمعرفة البشرية لن تتوقف عن النمو، وفن المعمار تطور وسيستمر في التطور، فإذا كان هناك عمل ننجزه خلال سنة، يمكن إن يستغرق إنجازه بعد قرن خلال نصف سنة وربما بشكل أفضل وأكثرمتانة. لماذا نسعى إذا الى بذل أقصى الجهود الآن؟ هذه الجهود تكون مثمرة فقط، حين نأمل بأن ننتهي من بناء البرج خلال جيل واحد. إلا أن هذا ليس في الحسبان، بل ما يمكن أن يحصل هو أن الجيل القادم من خلال تكامل معرفته يعتبر ما تم بناءه سيئا، فيقوم بتدميره، ليبدأ ببناء جديد. أفكار كهذه شلـّت القوى، فبدلا من أن يعمل الناس على بناء البرج أنشغلوا ببناء حي لإسكان العمال. وحيث أن كل مجموعة كانت تريد الحصول على أفضل المساكن، تفجرت الصراعات، حتى تحولت أحيانا صراعات دموية لا تنتهي، في هذا وجد القادة حجة جديدة للإبطاء في بناء البرج، فراحوا يبشرون بأن من الأفضل التوقف عن بناء البرج حتى تحقيق هدنة عامة. الا أن السكان لم يقضوا أوقاتهم بالنزاعات، بل أنصرفوا أثناء الإستراحة الى تجميل مدينتهم، مما أدى الى انتشار الحسد الذي أدى بدوره لنزاعات جديدة. هكذا مضى زمن الجيل الأول، ولم يكن مصير الأجيال اللاحقة أفضل، فقد أزدادت براعة هذه الأجيال، جيلا بعد جيل، وبنفس الدرجة أزداد حبها للقتال. فوق هذا أكتشف الجيل الثاني أو الثالث لا جدوى بناء البرج السمائي، إلا أن تماسك هذا الجيل منعه من مغادرة المدينة.
كل الحكايات والأغاني التي كتبت في هذه المدينة كانت تعبر عن الحنين الى يوم متوقع، تـُوجه فيه قبضة هائلة خمس ضربات متلاحقة لتهديم المدينة. من هنا يحتوي شعار المدينة على قبضة يد.
الهجين
ورثت عن أبي مخلوقا غريبا، نصفه قطة ونصفه الآخر حمل. وقد أزداد نموا في الفترة الأخيرة، إذ كان سابقا أقرب الى الحمل منه الى القطة أما الآن فأنه قطة وحمل بنفس الدرجة. فهو يمتلك رأس القطة ومخالبها وجسم الحمل وتكوينه. أما عيناه فهي تجمع صفات الحيوانين: النظرة الوحشية للقطة و ألإشعاع البريء للحمل. له صوف رقيق و قصير جدا. حين يتنقل في البيت تتراوح خطواته بين النط والتسلل الحذر. وعندما تشرق الشمس يستلقي عند الشباك وهو يشخر.أحيانا أخرج معه لنتجول في المروج فيتركني ويجري بسرعة كبيرة بحيث لا أتمكن من اللحاق به. وكلما شاهد قطة لاذ بالفرار، وما يكاد يرى حملا إلا وهاجمه. في الليالي المقمرة يتجول عند المزاريب. وهو لا يستطيع المواء مثل القطة ويشمئز من الجرذان. غالبا ما يقضي ساعات طويلة عند قفص الدجاج متربصا دون أن يستغل أية فرصة للإنقضاض عليه.
اعتدت أن أقدم له اللبن المحلَى غذاء مما أثر على نموه بشكل ملحوظ. حين يقف أمام طبق اللبن ويرتشف منه كمية كبيرة مبرزا أنيابه الحادة يأتي الأطفال من كافة الأطراف للتفرج عليه. لذلك أضطررت أن أثبت يوم الأحد موعدا للزيارات. ففي كل يوم أحد أجلس في بيتي حاملا هذا المخلوق في حضني وسط الأطفال الذين يطرحون علي أسئلة لا يمكن أن يجيب عليها أي إنسان، ومن ضمن هذه الأسئلة: لماذا يوجد حيوان مثل هذا ولماذا أمتلكه أنا بالذات وهل كان هناك شبيه له في الماضي، وماذا سيحصل بعد موته وهل يشعر بالوحدة ولماذا لا يوجد له أطفال وما إسمه..الخ
لا أحاول من جهتي الإجابة على هذه الأسئلة بل أكتفي بأن أريهم ما أملكه دون إيضاحات.أحيانا يأتون الى بيتي جالبين معهم القطط أو الخرفان (حصل هذا مرتين) على أمل أن يحصل شئ من التقارب بينها وبين المخلوق الجالس في حضني، إلا أن مصير هذه المحاولات غالبا ما يكون الفشل، فبدلا من حصول تقارب بين هذه المخلوقات تتطلع في بعضها البعض بعيون حيوانية وهي على أتم الرضا بوجودها كحقيقة إلهية.
حين يجلس في حضني فإنه لا يشعر بالخوف بل بأعلى درجات الطمأنينة ذلك لشعوره بالإرتباط بالعائلة التي تكلفت بتربيته، ولا يمكن أن نعتبر هذا شكلا من أشكال الإخلاص الإستثنائي وإنما هو إحساس فطري لمخلوق ربما لديه بعض الأقرباء عن طريق المصاهرة على سطح الأرض دون أن تكون له رابطة دم بأي مخلوق آخر. ومن هنا فأنه ينظر لما نوفره له من حماية كأمر مقدس.
أحيانا لا أجد بدا من الضحك حين يضع زبونه على كتفي ليتشمم رائحتي وهو يتمطى في حضني بحيث أجد نفسي عاجزا عن الإفلات منه كما لوكان لم يعد يكتفي بكونه حمل وقطة في آن واحد وإنما يريد أن يكون كلبا إضافة الى ذلك.
ذات يوم، وهذا أمر يمكن أن يحصل لكل إنسان، أصابني يأس شديد بحيث أردت أن أتخلى عن كل شئ. وفيما كنت جالسا على الكرسي الهزاز وفي حضني هذا المخلوق نظرت إليه عن طريق الصدفة فلاحظت قطرات من الدمع تسيل على وجهه. هل كانت تلك دموعي أم دموعه؟ هل تمتلك هذه القطة ذات روح الحمل مشاعر إنسانية؟ لم أرث عن أبي شيئا يذكر، غير أني فخور بهذا الإرث الذي تركه لي: الا وهو هذا المخلوق المرهف الحساسية، الذي يجمع في داخله قلق القطة وقلق الحمل بكل ما في ذلك من تناقضات. أحيانا يقف على صدري ويترك مخالبه على كتفي مقربا بوزه من أذني كما لو كان يرغب أن يشي لي بسر. ثم سرعان ما ينحني ليتطلع في وجهي ليرى تأثير ما قاله علي. ولغرض إرضائه فأنني أتظاهر بأني فهمت ما قاله لي وأهز رأسي موافقا. فيتركني ويمضي عني بإعتداد كما لو كان يرقص.
ربما كانت سكين القصاب هي الإنقاذ الوحيد لهذا المخلوق. لكني لن أسمح بذلك لكونه إرثي الوحيد. لذا حكم عليه بالإنتظار حتى يلقي أجله. أحيانا ينظر الي مثل البشر كما لو كان يتوسل أن أفعل شيئا.

[color:f804=#800000:f804]التباس يومي
حدث أعتيادي يؤدي الى التباس يومي. يطمح A أن يعقد صفقة مهمة مع B المقيم في H. وبهدف إجراء المفاوضات الأولية يقطع A الطريق الى H ذهابا وإيابا خلال عشرين دقيقة. وعند وصوله الى البيت يشعر بالفخر لقطعه هذه المسافة في وقت قصير بعد أن أتفق مع B على أن يعود في اليوم التالي لغرض التوقيع النهائي على الصفقة. لمعرفته بأن هذا الأمر قد يستغرق ساعات طويلة يغادر A البيت في الصباح المبكر. ورغم تشابه كافة الظروف مع اليوم السابق، على الأقل برأي A، فأن الطريق الى H يستغرق هذه المرة عشر ساعات. عند وصوله الى هناك في المساء وجوابا على إستفساره عن B يقال له بأن الأخير كان غاضبا جدا بسبب تأخره فقرر قبل نصف ساعة أن يتوجه الى قريته ليلتقي به هناك. وكان من المفروض أن يلتقي به في الطريق. وحين ينصحه أحدهم بالإنتظار حتى عودة B، يفضل A العودة الى البيت خوفا من أن يخسر الصفقة. هذه المرة يقطع الطريق بسرعة كبيرة لا تتجاوز لحظة واحدة دون الإنتباه الى أي شئ. عند وصوله الى البيت يبلغ أسماعه بأن B قد التقى به صباحا عند باب البيت وذكره بالصفقة غير أنه أجابه بأن وقته محدود ويجب أن يمضي على عجل.
رغم هذا السلوك الغريب قرر B أن ينتظر عودته. وقد سأل عن ذلك مرات عديدة قبل أن يقرر إنتظاره في غرفته. بعد سماع ذلك يشعر A بالسرور لعدم خسارته الصفقة ويقرر أن يوضح أسباب تأخره ل B. وها هو الآن يتسلق السلم بسرعة كبيرة وقبل أن يصل غرفته يتعثر ويصاب بألم شديد في الطنب حتى يفقد قدرته على الصراخ، بل يأن بصوت منخفض وسط الظلام. في هذه الأثناء يسمع من بعيد أو قريب وقع خطوات B وهو يهبط السلم غاضبا ليختفي نهائيا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mohamedgouindi.kanak.fr
 
قصص لكفاكا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
محمد اكويندي :: مختارات-
انتقل الى: