محمد اكويندي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

محمد اكويندي

مرحبا بكم في منتدى محمد اكويندي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قراءة في مجموعة الكرسي الأزرق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد اكويندي
Admin
محمد اكويندي


عدد الرسائل : 164
تاريخ التسجيل : 22/12/2006

قراءة في مجموعة الكرسي الأزرق Empty
مُساهمةموضوع: قراءة في مجموعة الكرسي الأزرق   قراءة في مجموعة الكرسي الأزرق Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 22, 2006 1:01 pm

قراءة في مجموعة الكرسي الأزرق

ماتيس يطلي نصوصه بزرقة دمه


إن القصة القصيرة جدا، عند القاص المتقي، ركن يجعل من أركانها أشبه بالانزياح في الشعر بغض النظر عن نوعية ذلك الإنزياح ، إنه تماما يشكل المحور الأساس ، ومن الخصائص التقنية المعتمدة لكتاباته استحضار وقائع تراثية ، وأخرى فنية وثقافية ، وكذلك محاكاة بعض نصوص أصدقائه ، كقصة ( إلى أخره ) إن مجموعة المتقي الجديدة ذات القصص القصيرة جدا ، نجدها جديدة كذلك في دفقها العاطفي والشعري ، جديدة في كثافة الصور وذلك في حيز ضيق جدا ، جديدة في التحام أجزائها
القصة القصيرة جدا عند المتقي هي أشبه بلوحة مكثفة متلاحمة من بدايتها إلى نهايتها ، ولا تجد عبارة واحدة يمكن حذفها ، وفي القصة نفسي واحد عنيف وإن لم يصرح به القاص مباشرة ولم يتدخل فيه بأذنى إشارة أو استنكار ،(قصة محرقة مثلا ) كما نجد المتقي يدرك جيدا دلالة الألوان وتوظيفها ، توظيفا محكما ، وأحيانا بعدا أخر ،الأحمر مثلا لم يعد يرمز إلى الدم أو الثورة بل إلى البراءة والعفوية ،كما في قصة (ريم) وكذلك وإلى الهجران ، أو الفقد
أو الغياب كما في قصة (جاكي ) أما اللون الأزرق فقد لون به أغلب نصوصه ، الذي في بعد رمزيته يرمز إلى الطبقة البروليتارية ، بما فيها ( الكرسي الأزرق) فهو ليس عرشا أو منبرا أو كرسيا فاخرا أو بيروقرطيا ،حتى الكراسي عند القاص مراتب ،وإذا تمعنا في مساحة هذه المجموعة نجدها زرقاء بالكامل ،لأنها تنحاز إلى طبقة الدنيا ، إن المتقي أشبه بالرسام
" ماتيس " الذي يطلي لوحاته / نصوصه بزرقة دمه : المرأة جزيرة زرقاء( ص11 )، ومجانين الزرق ، أبي يرتق بلوزته الزرقاء ( ص15) يخرج أقلامه الملونة ويرسم بحرا ( ص23) يتصبب العرق من أساريره ، يمسحه بكم قميصه الأزرق( ص2 الكرسي الأزرق يقطب جبينه (ص67) وهناك ما يوحي بالزرقة كالسماء ، البحر ، المساء ، الموت ، عمال البلدية ، الجوع ، الفقر ، السعال ، الوحدة ، المطر ، الشارع
وهناك نصوص تتشكل من فسيفساء الاستشهادات ، علما أن كل نص هو امتصاص ، وتحويله لنص أخر كقصة (محرقة)التي تستحضر حادثة أبو حيان التوحيدي في حرق كتبه ، وقد علل فعلته للقاضي أبي سهل الذي لامه على إحراقه كتبه ( اعلم – علمك الله الخير – أن هذه الكتب حوت من أصناف العلم سره و علانيته ، فأما ما كان سرا فلم أجد له من يتحلى بحقيقته راغبا ، وأما ما كان علانية فلم أصب من يحرص عليه طالبا)( من رسائل أبو حيان التوحيدي ، ص129) أما "توحيدي " عبد الله المتقي ، هو رمز المثقف الساخط و الرافض ، إن مأساة التوحيدي في إحراق كتبه هي اليأس من إمكان العطاء ، زهي فقر العطاء
أليست الأشجار المثمرة تلقي بأثمارها إلى التراب إن لم تجد اليد التي تقتطفها وتعتصر الرحيق ? وقصة الكرسي الأزرق لا تقل نبرة وحدة من قصة (محرقة) وإن كان مضمونهما معا يضمران العوز والفقر وضيق اليد ،،، إن قصة الكرسي الأزرق تستحضر في حافظة كنوزنا الجماعية لوحة الر سام الهولندي "فان كوك " الكرسي المنهار ، إلا أن وضع الكرسي مستلقيا أو منهارا هي شهادة على فعلة المرأة و الرجل في عوزهما على أخذ مكان فاخر ومريح لارتكاب فحشتهما
وإن كان صاحب الكرسي الأصلي "فان كوك" يعاني هو نفسه هذا العوز وضيق اليد فحادثته المشهورة خير ذليل على ذلك لما ود إرسال هدية لصديقته لم يجد ثمننا لهذه الهدية فبتر أدنه وبعت بها إلى عشقته والخيط الرابط بين القصتين هو العوز والفقر المبني على الإقصاء والتهميش الذي يعشه المثقف وحتى لا نعود إلى قصة التوحيدي وما عانه من تهميش وإقصاء نتج عن فقره وإهماله ،،، وما تلوين الكرسي الأزرق إلا انضمامه إلى الطبقة الدنيا والكراسي عند عبد الله المتقي مراتب فهذا الكرسي هو نفسه يعيش التقشف و الفقر إنه ليس كرسيا بيروقراطيا أو منبرا أو عرشا أو كرسيا فاخرا في صالون باذخ إنه منقوع في زرقته وسيظل منهارا أو مستلقيا ،، إن اللون الأزرق عند القاص ليس الأفق الرحب والصفاء إنه بلوزة أبيه الزرقاء التي يرتقها بخيط أبيض ، إنه بذلة العجوز الزرقاء الذي يلمع صومعة حسان ، إنهم عمال البلدية إنه السواعد التي شيدت وبنت تاريخ البشرية جمعاء وتنكر إليها كهان الفكر (المؤرخون ) إن اللون الأزرق عند كاتبنا يعني العوز والفقر والحرمان والإقصاء والتهميش ،، وكلما خفت نبرة المتقي الحادة ، تطفو الكآبة والحزن كما في قصة (حداد) إن هذه القصة الرمادية كمعطف الشاعر الرمادي ،، رجل بني في ركن شبه زجاجي ،، كأن هذا الرجل ضاقت به الدنيا ودخل إلى هذا الركن الشبيه بكواريوم تتفرج عليه عين الكاميرا المسلطة عليه، بلغة شعرية ومفرطة في الحساسية و حضور الشعري فيها يعني حضور الشاعر الكبير البحريني قاسم (حداد) وكذلك حضور القص فيها وبالذات القص القصير جدا يعني حضور (حداد)أخر امتهن هذه الحرفة ولقب بها إنه حضور فحل القصة القصيرة جدا زكريا ثامر إن هذه الازدواجية عند القاص المتميز عبد الله المتقي له بعده الجمالي في بناء قصصه ولعل قراءة قصة "حداد" بكسر الحاء ، وتخفيف الدال الأولى ندرك أن هذه القصة / القصيدة هي مرثية لروح القاص سعيد الفاضلي إن قرينة الحزن المتماثلة في اللون الرمادي لمعطف الشاعر والوقت الماطر يوشي بأن المطر وقت ملائم للحزن كما يعرف من خلال الشعراء الوجدانيين ويكفي أن يكون إهداء المجموعة كعربون محبة ووفاء إلى روح هذا القاص سعيد الفاضلي وما أحوجنا لمثل هؤلاء الأصفياء المتنزهين عن الأغراض الشخصية إن قصة (حداد) قابلة لأكتر من قراءة و تأويل ، بنصب حاءها وتشديد دالها ، أو كسر حاءها وتخفيف دالها هي خفة اليد الماهرة التي عزفت لنا " الدانوب الأزرق" لشتروس ،،، إن القراءة المتأنية والفاحصة تطرح السؤال المدهش أية يد ماهرة رسمت هذه اللواحات الضاربة في زرقة باردة وهادئة في بضع سطور دون انفعال أو توتر وبدون ادعاء تعلن لك عن نفسها لكن بأزرق ناضج وواع يسر المتذوقون
• المؤلف : عبد الله المتقي
• الكتاب : الكرسي الأزرق،مجموعة قصص قصيرة جدا
• الصدور : عن منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب ط ، الأولى 2006



محمد اكو يندي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mohamedgouindi.kanak.fr
 
قراءة في مجموعة الكرسي الأزرق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
محمد اكويندي :: التصنيف الأول :: دراسات أدبية-
انتقل الى: