محمد اكويندي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

محمد اكويندي

مرحبا بكم في منتدى محمد اكويندي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كلية البنات من الخارج فرجينيا وولف ترجمة: فاطمة ناعوت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بواسطة محمد محمد اكويندي




عدد الرسائل : 18
تاريخ التسجيل : 12/01/2007

كلية البنات من الخارج   فرجينيا وولف ترجمة: فاطمة ناعوت Empty
مُساهمةموضوع: كلية البنات من الخارج فرجينيا وولف ترجمة: فاطمة ناعوت   كلية البنات من الخارج   فرجينيا وولف ترجمة: فاطمة ناعوت Icon_minitimeالإثنين يناير 15, 2007 4:12 am


كلية البنات من الخارج
فرجينيا وولف
ترجمة: فاطمة ناعوت

القمرُ الناصعُ مثل ريشٍ أبيضَ، أبدًا لم يسمح لظلمةِ السماءِ أن توغلَ؛ كانت براعمُ زهورِ الكستناء طوال الليل مثل بياضٍ وسط الخضرة، فيما بقدونس البقر كان العتمةَ في المروج الخُضر. ليس إلى أرضِ التتارِ ولا إلى أرض العرب هبّتْ رياحُ ساحاتِ كامبريدج، غير أنها كانت تهبط حالمةً وسط غُمرة الغيوم الزرقاء الرمادية فوق أسطح نونهام (1). هناك، في الحديقة، إذا ما احتاجتِ الرياحُ إلى فضاءٍ للتطواف، بوسعها أن تجده بين الأشجار؛ ولا شيء سوى وجوه النساء يمكن أن يلتقي بوجهها ، بوسعها أن ترفع الخِمارَ عن وجهها الفارغ الشاحب منعدم الملامح، ثم تحملق داخل الغُرف، حيث، في تلك الساعة، لا شيء ثمة سوى أجفانٍ شاحبة خاوية مسدلة ببراءة فوق عيون، وأياد بلا خواتم ممدّدة فوق المُلاءات، عدد لا يحصى من النساء النائمات. غير أن بعض الضوء كان ما يزال يشتعل، هنا وهناك.

ثمة ضياءٌ مزدوج يمكن أن يحدّده الرائي داخل غرفة آنجيلا، بالنظر إلى إشراق آنجيلا الخاص، إضافة إلى وهج سطوع انعكاسها في اللوح الزجاجيّ المربع. كلُّ جزء فيها كان مرسومًا ومحدّدةً خطوطُه بإتقان --- ربما حتى الروح أيضًا. فالزجاجَ العاكس كان يحتفظ بصورةٍ ثابتةٍ محددةٍ غير مهتزّة --- أبيض وذهبيّ، شبشبٌ أحمر، شعرٌ فاتحٌ به أحجارٌ كريمةٌ زرقاء، وليس من تموّجٍ ولا ظلالٍ من شأنها أن تقطعَ القُبلةَ الناعمةَ بين آنجيلا وصورة انعكاسها في الزجاج، كأنما كانتِ الصورةُ مسرورةً أن تكون هي آنجيلا. وعلى أية حال، فلحظةُ الزمن ذاتها كانت مبتهجةً أيضًا إذ عُلِّقت اللوحةُ المشرقةُ تلك في جوف ظلام الليل، كأنما ضريحَ قديسٍ قد ثُقبَ في سواد العتمة الليليّة. غريبٌ بالفعل أن تمتلكَ هذا الدليل المرئيَّ على اتساقِ الأمور واستوائها؛ هذه الزنبقةُ التي تطفو بكاملها سليمةً فوق صفحة بحيرة الزمن، بلا خوف، كما لو أن ذلك كان كافيًا --- صورة الانعكاس تلك. لكن، أيُّ تأمّلٍ قد خانته الآن بدورانها، فغدتِ المرآةُ لا تحمل أيّةَ صورة على الإطلاق، عدا هيكل السرير النحاسيّ، أما هي، راكضةً هنا وهناك، راحت بخطواتٍ ناعمة تمشي الهوينى تارةً، وتارةً تُسرع الخطوَ مثل سهم، فصارت كأيّ امرأة في دارها، ثم تبدّلت ثانيةً، إذ جعلت تزمُّ شفتيها بامتعاض فوق كتاب أسود ثم راحت ترسم بإصبعها علاماتٍ على ما ليس يمكن أن يكون فهمًا حقيقيًّا لعلم الاقتصاد بالتأكيد. وحدها آنجيلا ويليامز كانت في نونهام من أجل كسب نفقات المعيشة. ولم تستطع أن تنسى، حتى في لحظات الفرح المتأجّج والهُيام، شيكات أبيها في سوان سي (2) ؛ ولا مشهد أمها وهي تغسل في حجرة تنظيف الآنية: عباءاتٍ ورديةً سوف تُنشر في الخارج كي تجفَّ على الحبال؛ تلك رموزٌ تدل على أن الزنبقةَ لن تطفو بعد الآن سليمةً فوق صفحة البحيرة، لكنها ستأخذ اسمًا فوق بِطاقةٍ مثل كلِّ الأخريات.

"آ. وليامز "--- بوسع المرء أن يقرأ الاسم في ضوء القمر؛ وإلى جواره بعض أسماء أخرى مثل ماري أو إلينور، أو مايلدريد، أو سارا، أو فوبي، فوق بطاقات مربعة مثبتةٍ على أبواب غرفهن. كلُّها أسماء، لا شيء سوى أسماء. الضوء الأبيض الشاحب يجعلها تذبُل وتتيبّس بالنشا حتى ليبدو كأنما الهدف الوحيد من وجود كل تلك الأسماء هو صعود التعبئة العسكرية في حال استدعائهن من أجل إخماد نار، أو تطويق وقمع حالة عصيان مسلّح، أو من أجل اجتياز امتحان. هكذا تكون قوة الأسماء المكتوبة فوق بطاقات مثبتة بالدبابيس على أبواب الغرف. هكذا أيضًا يكون التشابه، مثل تشابه البلاطات، وتشابه الدهاليز، وتشابه أبواب غرف النوم، بالنسبة لمصنع ألبان أو دير راهبات، مجرد حيّز للعزل الانفرادي وتعليم الانضباط والنظام، حيث وعاءُ اللبن يقف هادئًا ونقيًّا بينما تتم عملية غسيل هائلة للبياضات الكتانية.

في تلك اللحظة تحديدا، جاءت ضحكةٌ ناعمة من وراء باب. الساعةُ ذات الصوت المتزمّت تدقُّ لتعلنَ--- الواحدةَ، الثانية. الآن، لو أنَ الساعةَ (3)

- " لأنه شيءٌ لعينٌ تمامًا وعلى نحو غير محتمَل"، قالت هيلينا.
- " لعين،" رددت بيرثا مقلدةً صدى الصوت. ثم تثاءبت.
- " نحن لسنا رجالا مخصيين."
- " لقد رأيتُها تتسلّلُ من البوابة الخلفية بقبّعتها القديمة تلك. إنهم لا يريدوننا أن نعرف."
- " هم؟"، قالت آنجيلا. "هي."

بعد ذلك تأتي الضحكة.

كروت اللعب كانت تتناثر، تسقط بأحمرها وأصفرها، الوجوه إلى الطاولة، والأيادي تداعب الكروت. بيرثا الطيبة، تميل برأسها وتتكئ على الكرسي، تتنهد بعمق. كان من الممكن أن تذهب إلى النوم بكامل رغبتها، لكن، منذ غدا الليلُ مرعىً مباحًا، حقلا متراميًا غير محدود، منذ أصبح الليلُ ثراءً لا نهائيّ، فإن على المرء أن يجوس عميقًا في دهاليز ظلمائه. يجب على المرأة أن تتزين به مع جواهرها. كان الليل مشترَكا في السرِّ فقط، فيما النهارُ واضحٌ ومقروءٌ ويرعى في كلأه السربُ كلُّه. الستائر كانت مرفوعةً. وغبشُ الضباب يملأ الحديقة. وفيما كانت تجلسُ على الأرض جوار النافذة (بينما الأخريات يلعبن)، كان جسدها وعقلها، الاثنان معا، كأنهما نُفِخا عبر الهواء، كي ينتشرا ويتغلغلا خلال الشجيرات. آه، لكنها كانت ترغب في أن تتمطى في سريرها ثم تنام! هي موقنة أن أحدًا سواها لا يشعر بالرغبة في النوم؛ هي توقن، عبر وهنِها الناعسِ وترنحات رأسها بفعل الرغبة في النوم، أن الأخريات يقظات تمامًا. فعندما ضحكن جميعهن معًا، زقزّق عصفورٌ في نومته بالحديقة الخارجية، كأنما الضحكة . . . . .

نعم، كأنما الضحكةَ (لأنها بدأت تغفو الآن) راحت تطفو عاليا مثلما يطفو الضباب ثم راحت تشبكُ نفسها بشرائطَ مطاطيةٍ ناعمة في النباتات والشجيرات، حتى امتلأت الحديقةُ بالغيوم والأبخرة. وبعد ذلك، جاءت الرياحُ لتجرفَ كلَّ شيء، كان على الشجيرات أن تحني هاماتها، فيما الأبخرةُ البيضاء سوف تهبُّ وتتخلل العالم.

من خلال كلِّ الغرف حيث تنام النساء كانت هذه الأبخرة تصدر، معلِّقةً نفسها في شجيرات الفاكهة، مثل رزاز الضباب، ثم تتحرّر طليقةً نحو الفضاء الواسع. النساء الأكبر سنًّا كنَّ ينمن، هن اللواتي كنَّ في تجوالهن يقبضن بقوة على عصا المساعدة العاجية. الآن، ناعماتٍ، شاحباتٍ، وبلا لون، كن غارقات عميقًا في النوم، يرقدن مُحاطاتٍ، يرقدن مدعوماتٍ، بأجساد الشابات المتكئات والمضجعات أو المجتمعات حول النافذة؛ يسكبن في الحديقة أمامهن تلك الضحكة الفوارّة، الضحكة غير المسئولة: ضحكةُ الجسدِ والعقلِ حين يطفوان بانطلاقٍ بعيدًا خارج القواعد، والساعات، والنُظُم: كثيفةُ الخصوبةِ، لكن هيوليةٌ بغير شكل، فوضوية، تتعقّب شجيرات الورد وتضللها وتشبّك جدائلها بقصاصات الأبخرة.

"آه،" زفرت آنجيلا، وهي تقف إلى النافذة في قميص نومها. كان الوجعُ يكمن في صوتها. مالت برأسها للخارج. الضباب كان ينشقُّ كأنما صوتَها قد صدعه نصفين. كانت تتكلّم، بينما الأخريات يلعبن، تتكلم مع آليس إيفيري عن قلعة بامبروف (4) ؛ عن لون الرمال في المساء؛ عندئذ قالت آليس إنها سوف تكتب عن ذلك يومًا، وحددت اليوم في أغسطس، عندئذ أحنت جذعها وقبّلتها، على الأقل لامست رأسَها بيدها، بينما آنجيلا بطبيعة الحال لم تستطع أن تبقى جالسة في سكون، مثل واحدة مأسورةٍ ببحر تضربه الرياح بعنف داخل قلبها، راحت تطوف جيئة وذهابا في الغرفة (الشاهدة على مثل هذا المشهد) تجذف بذراعيها حولها كي تخفّف من حال الإثارة هذه، هذه الدهشة التي اعترتها جرّاء تلك الانحناءة التي لا تُصدَّق للشجرة الخرافية ذات الثمرة الذهبية في قمتها --- ألم تكن قد سقطت بين ذراعيها؟ لقد حملتها متوهجةً إلى نهدها، شيءٌ لا يمكن أن يُمَسُّ، لا يمكن أن يُفكَّر فيه، لا يمكن أن يُتكلّم عنه، لكنه يُترك كي يتوهج هناك. وبعد ذلك، ببطءٍ تضع هناك جواربها الطويلة، تضع هناك خُفيّها، تطوي تنورتها الداخلية بعناية في القمة ، آنجيلا، اسمها الآخر هو ويليامز، تدركُ أن --- كيف يمكنها التعبير عن ذلك؟ --- تدركُ أنه بعد المخاض المظلم لآلاف العصور ها هو النور يشعُّ في نهاية النفق؛ في نهاية الحياة؛ في نهاية العالم. تحتها كان يرقد، الخيرُ المطلق، الجمالُ المطلق. كان هذا هو اكتشافها الخاص.

بالفعل، كيف يمكن للمرأة بعد ذلك أن تندهشَ إذا، وهي تستلقي في فراشها، لم تستطع أن تغلق عينيها؟ --- ثمة شيءٌ قاهر يمنعهما من الانغلاق --- إذا كان الكرسيُّ وخزينةُ الأدراج يبدوان في الظلمة الخفيفة فخميْن وجليليْن، والمرآة تبدو ثريةً ومهيبةً بما تحمله من لمحاتٍ نهارية رماديّة شاحبة؟ تمتص إبهامها مثل طفلٍ ( عمرها كان تسعة عشر عامًا في نوفمبر الماضي)، إنها تتمدّد في هذا العالم الطيب، هذا العالم الجديد، هذا العالم الذي في نهاية النفق، إلى أن تدفعها رغبةٌ قوية في رؤيته أو امتلاكه، فتقذف ببطانيّتها، ثم تقودها تلك الرغبةُ إلى النافذة، وهناك، تنظر إلى الخارج صوب الحديقة، حيث يتمدد الضباب، كلُّ النوافذِ مفتوحةٌ، إحداها بلونٍ أزرقَ ناريّ، وثمة شيءٌّ ما يدمدم على البُعد، إنه العالم بالتأكيد، والنهار الوشيك،
" أوووه،"
صرختْ، كما لو كانت في وجع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كلية البنات من الخارج فرجينيا وولف ترجمة: فاطمة ناعوت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
محمد اكويندي :: مختارات-
انتقل الى: