شدّ حزامك أيها المواطن
خوليو كورتاثار
الأرجنتين (1914 – 1984)
ترجمة: سلام صادق
صحبة سيئة
كسرطانٍ في فورة
يشقّ طريقه بين زهور الدماء
يشرّح الجهاز العصبي للشهوة
الآلية السرية للأوردة الزرقاء
ذرة رمل صغيرة من سوء فهم ملعون
نهر بكامله من دموع ليست ضرورية
لماذا يتقهقر هذا الطريق بلا معنى إلى الخلف
حيث قادنا إلى هذا العمى
محدقا إلى سيناريو فارغ
سلبتني كل شيء
حتى عقب السيكارة وراء أذني
والذي أتقنه الآن فقط
الاستماع إلى كارول بيكر
بين رشفتين من الجن
وانظر إلى الوقت يهطل
كغيمة من العث
على سروالي المجعّد.
****
غاطس في كآبتي
الآن عندما انظر إلى الوراء أحس
بأنك كنت في حضن حياتي البائسة
مكتبة عامرة.
وبقيت هناك في "فيللا ديل باركي"
مع توماس مان، روبرتو ارلت، ديكسون كار
تقريبا مع كل الروايات الموجودة لكوليت
روزاموند ايهمان، جارلس مورغان، نيجل بلاخين
إلياس كاستلنويبو والصغيرة الشاحبة لاروسيه إلسترادو
مع ضوع عطرها
هنالك ولحسن الحظ فإن اسمي
لم يكن موجودا بعد.
تركت هناك أيضا محبرة
وبورتريهاً جانبياً لكومودوس
القيصر الروماني
الذي لم افهم على الإطلاق ولعه بالأدب
حتى الآن.
*****
دورة الزمن
على العموم
امقت مراكز المدن
حيث تنكمش الروح
من هذه الحرارة بلا نار
ومن ذلك المعدن بلا نقود
البورتريه المتدلي من الوجوه
الأحذية الفارغة التي ترتقي عربات السكك
هبات من السماء مرمية في الزوايا
لا تواسيني بعد الآن
فالمرء لا يصبح تعيسا في ان لا يكون سعيدا
فمنذ الثلاثاء لا يوجد خط رجعة نحو الأحد.
****
أسئلة وجواب
ما الجميل الذي وقّعه عازف البيانو هذا اليوم
لمنفعة أطفال ضحايا الاضطرابات
امرأة باعت كعكات صغيرة في ساحة مايس
تسمعون ماذا أقول!
في يوم معقول
شدَّ حزامك أيها المواطن
صوّت لكي تنقشع الغيمة عاجلا
ولكي تبدأ الطيور الصغيرة الشدو
حدّق إلى العسل الذي انوجد ليكون قيئاً
الكلب الذي يلعق قيئه
القيء الذي يعزّي ماضيه كحساء او نبيذ
ويرى كيف يضطجع هناك على ظهره
كل شيء يقززني، لكن الشيء ينمو
بسرعة الدم نفسها في المحارير
ولماذا مطالب كهذه: آخرون يقفون في الطابور
أشخاص مهمّون، والآن يأتي السؤال
أيها المواطن!
ما هو لون حصان سان مارتين الأبيض؟
****
مستقبل
انا اعرف جيدا انك سوف لن تكوني هنالك
ليس في الشارع، في همس أعمدة النور، يتحطم في الظلام
ليس بشكل خاص
ان تقرأي قائمة الطعام، او بابتسامة
تجعل عربة المترو الغاصة
تحتمل ذلك
ليس في كتاب مُعارٍ حتى يوم غد
سوف لن تكوني في أحلامي
او في القرار الاول لكلماتي
ولا حتى في مجرد رقم تلفون ستكونين
او في زوج من القفازات
او في لون
قميص ما
سأكون حانقا، حبيبتي،
لكن ليس منك
وسأشتري سكريات لكن ليس لك
سأقف في زاوية هناك حيث لا تمرين
وأقول الكلمات التي يقولها المرء
وآكل ما يأكله المرء
واحلم الأحلام التي يحلمها المرء
وأنا اعرف جيدا انك سوف لن تكوني هناك
ولا هنا في الداخل
في هذا السجن الذي ما زلت احتفظ بك رهينة فيه
او هناك خارجا
في تدفق الشوارع والجسور
سوف لن تكوني شيئا
ولا حتى مجرد ذكرى
وحين أفكر بك
سيصبح الأمر مجرد فكرة
تحاول عبثا
استذكارك.
****
المحبوبة الأشد
أنت أعطيتني الغيوم المظلمة
والظل الخفيف من يديك
الذي انزلق أمام وجهي
أنت أعطيتني البرد وهذا الطريق الطويل
وهذه القهوة المرّة عند منتصف الليل
دائما تبدأ بالمطر
في منتصف الفيلم
وفي الوردة التي أهديتك إياها
جلست عنكبوت متخفيةً
كنت اعتقد انك عرفت هذا مسبقا
وانه كان خطأك في ان كل شيء انحرف عن مساره
لأني أنسى المظلة دوما
عندما اذهب لاصطحابك
مطعمنا كان غاصا آنذاك
وفي منعطفات الشوارع صرخت الحرب
فأصبحت وصلة من التانغو
للحنكِ اللامبالي.
*****
الزائرة
أنت لا تدركين أي خراب تسببت به
في تقاطع الطريق ذاك، هناك حيث صدري
كهيكل عظمي لبقرة
في الغبار
تحت لسان غيمة كبطاقة تعريف للموتى
اعرف انك سرقتني، وانك
تخطين بوقار كما نملة هائجة
تبعثرين الخزانة، وتمزقين التصاوير، الذكريات
التي توقفت واختمرت في قناني العطور
وفاحت إلى الخارج هبّاتها الصغيرة من الاشتياق
وقد يحصل ان أكرهك، واضغط
الجبين على منجلك الزجاجي
لكي أذلك وأمنعك
آه سارقة التصاوير
من حزم الرسائل
التي نامت بهدوء وبلا خوف من ان انتقل
نعم من كل ماضيَّ،
الحائط الذي عرفني
كدرعٍ واقية ورجل للمهمات
وإذا تركتني خاويا جدا،
هل تعودين إذاً
مع نهاية الخيط منذ البداية
وإذا سمحت لك بأخذ أعشابي المجففة
هل تقومين إذاً
أيها الببغاء الأزرق
برفع الحجر الصغير
الذي يبدأ اللعبة
ويسمو بها
إلى موسيقى؟
النهار
الاربعاء 29 تشرين الثاني 2006[/size]