بواسطة محمد محمد اكويندي
عدد الرسائل : 18 تاريخ التسجيل : 12/01/2007
| موضوع: حانة "عند خميس" الأديب مفلح العدوان الجمعة يناير 12, 2007 3:48 pm | |
| حانة "عند خميس"
حانة "عند خميس" الأديب مفلح العدوان
حانة"عند خميس"!!
*مفلح العدوان
مكان يغسل عتبته ماء البحر،ويأتيه الزوار من أقاسي المدن..
يجلسون فيه..يسمرون،ويتناولون فيه ما تيسر من الشعر،والنبيذ،ثم يضحكون ملء قلوبهم،وربما يكون هناك بينهم من يبكي،وآخر يتنهد على زمن مضى،لكن المهم في الحالة أنهم دائما يجتمعون هناك.. في حانة "عند خميس"!!
ها أنا أبوح عن هذا المكان،وعن رواده،لأن لدي إحساس بأن كل من له علاقة بالإبداع،والكتابة،والحس المرهف، لا بد وأن يعرف هذا الملتقى..
"الروتند"أو"عند خميس"..هناك على أحد شطآن البحر المتوسط الكثيرة،وبالتحديد في تونس،حيث تقع هذه الحانة في مدينة نابل المدينة التي لم أشاهد في أية مدينة غيرها جرة ضخمة يشكلها الخزافون على شجرة أضخم منها،ويكون حولها دوارا اسمه دوار الجرة..تلك مدينة نابل مدينة الجرة،والخزف،وبها حانة"عند خميس".
تبرع بمأتي دينار
جلس قليلا عندنا..
لم يتكلم إلا قليلا،وكل ما تفوه به ترحاب،خاصة حين عرفه علينا صديقنا الشاعر محجوب عياري،وقال إنهم كتاب من أرجاء مختلفة من الوطن العربي.
لم ينتظر منه أن يتكلم شيئا،فقد أخذ البادرة في الحديث صديقنا العياري الذي أوضح أن من مفارقات علاقة الثقافة بالمقهى والحانة تظهر من خلال دلالة أن ندوة النشر الإلكتروني التي تنظمها جمعية أحباء المكتبة والكتاب استضافت كثيرا من الشعراء والباحثين وقد تبرع صاحب هذه الحانة بمئتي دينار كدعم للندوة بينما رفضت بلدية نابل أن تتبرع حتى بدينار واحد لهذا النشاط!!
كما لاحظنا أيضا ونحن داخلون الى الحانة أن صاحبها علّق على بوابتها يافطة كبيرة مكتوب عليها عبارات ترحيب بضيوف تلك الندوة.
السجل الذهبي
الذي جلس معنا هو ابن صاحب الحانة،واسمه وليد،أما أبوه الذي أنشأها في ذلك المكان فكان اسمه "خالد الصوي"،وقد كان الأب قبل أن يأتي نابل، يعمل عند صاحب حانة يهودي في تونس،وكان اسمها "الروتند"،ولكن عندما ترك خدمته وجاء الى هذه المدينة فتح حانته الخاصة به وسماها باسمه"عند خميس"وأيضا"الروتند"،وصارت معروفة لمعشر الكتاب والفنانين،والمبدعين،وصار لها أيضا سجلا ذهبيا،هو دفتر ضخم يكتب ويوقع عليه كل من يرتاد هذه الحانة،وحين تصفحناه،وجدنا فيه تحفا فنية،وقصائد،وفكاهات، كتبت فيه من قبل الحضور الى "الروتند" وفيها أسماء كثيرة منها سعدي يوسف،والمنصف المزغني،واولاد احمد،والمنصف الوهايبي،وصلاح الدين بوجاه،وأحمد الشهاوي،والقائمة أكثر من أن تذكر في هذا المقام.
كتبت في سجل "عند خميس"،طلب عضوية لهذا النادي الإبداعي التلقائي والذي ينسق فاعلياته الشاعر الصديق محجوب العياري،دونت على احدى أوراق السجل الذهبي:اللعنة..كل تلك السنين مرّت ولم أكتشف هذا المكان،وأنا الآن أتلمس فيه أرواح قريبة مني،معتقة تنتظر هنا منذ أول الندى،ومنذ كانت الثمالة الأولى التي تجمع حولها الأصدقاء.
حين خرجنا تلك الليلة، وما ان ابتعدنا مسافة بسمة، حتى أكتظ بنا الضحك، عندما اكتشفنا أن العياري،بمحض الصدفة، كان قد نسي السجل الذهبي بين أوراقه،وكان تاريخ "الروتند" في مهب أيدينا..
ضحكنا،ووعدنا العياري أن يعيده الى حصنه الحصين في الحانة،كي يوقع عليه أعضاء جدد من مبدعي الوطن العربي،هناك على مقربة من البحر،والجرة،والخزف،والنبيذ المعتق!!
mefleh_aladwan@yahoo.com
| |
|