الحياة ـ الموت
- ميزة التفكير بالحياة والموت هي أنه يمكن القول عنهما أيّ شيء كان.
- يصل الموت بعيدا ويحتل مثل هذا المكان الكبير الى درجة أني لا أعرف أين بمستطاعي أن أموت.
- إذا كان حقيقة أنه في لحظة الموت نصبح من كنا قبل الولادة ، أليس من الأحسن القناعة بمثل هذه الفرصة النقية وعدم الإبتعاد عنها ؟ ولماذا ضاعفنا عدد السبل طالما كان بالإمكان البقاء الى الأبد في تمامٍ غير ُمحقق ؟
- كنت وحيدا في مقبرة القرية عندما ظهرت إمرأة حامل. غادرتُ المكان على الفور كي لا أكون مرغما على النظر عن قرب الى حاملة الجثة هذه ولا على التفكير بالتناقض بين البطن العدوانية والقبور الساكنة ، بين الوعد الزائف ونهاية كل وعد.
- ينبغي إنقاذ هذه الجذوة الضئيلة من الضوء التي هي في كل واحد منا والآتية قبل ولادتنا ، قبل جميع الولادات ، إذا أردنا أن نتحد بهذا الجلاء brightness البعيد الذي لن نعرف أبدا لماذا ُفصلنا عنه.
- من لم يحالفه الحظ ولم يمت في شبابه ، لايبقي شيئا عدا صورة كاريكاتورية لفخره.
- الأسلوب الوحيد لمواصلة البقاء هو التقليل من كل ما يحدث لنا ، وبهذه الصورة تبدو لنا الحياة قابلة التحمل.
- تأنيب الضمير، الميتافيزيقي هو إضطراب من دون علة ، قلق أخلاقي كائن في مكان ما عند هامش الحياة. وأنت لم تفعل شيئا قد تندم عليه لكن يعذبك الشعور بالذنب. أنت لاتتذكر أيَّ شيء رغم أن الماضي يهاجمك من دون نهاية الألم. ورغم أنك لم تفعل شرّا تشعر بالمسؤولية عن كل شرورالكون.
- حين أدركُ أن الأفراد مجرد بصاق لفظته الحياة وأن الحياة لاقيمة لها أكبر من كونها مادة ، أجتازُ باب اول مطعم صغير ألقاه كي لا أخرج منه أبدا. ولكن حتى لو أفرغت ألف قنينة فلن أجد فيها طعم اليوتوبيا ، طعم ذلك الإيمان بأنه لايزال هناك شيء ممكن.
- كل من لا يرى الموت بألوان وردية يعاني من عمى ألوان القلب.
- كيف بمكنة الناس أن يموتوا في الصيف ، وكيف يمكن أن توجد المقبرة في الشمس ؟ إن فكرة الخلود ولدت تحت سماء الجنوب الواسعة ، ولأن الشمس هي النكران الوحيد للموت. البرهان الوحيد ضد الخلود هو الضجر. وفي الأخير فمنه تنبع كل أحوال إنكار الحياة والبراهين التي تدحض الوجود.
- هو أمر لا يصَّدق أن آفاق إمتلاك السيرة biography لم تمنع أيّ أحد من إمتلاك الحياة .
- دار الدعارة أو الدمعة ، قادرة على أن تنتزعنا ، للحظة ، من رهبة الموت.
- هناك الكثير من البشر لايفصلهم عن الموت غير الحنين إليه ! وفي هذا الحنين يصقل الموت مرآ ة الحياة التي يتطلع فيها.
- إذا لم يكن الفرد محظوظا وإمتلك والدين سكيرين فعليه أن يسمّم نفسه طيلة الحياة من أجل أن يعوّض عن التركة الثقيلة لفضائلهم.
- حين تظهر المفارقة يفنى المنهج وتنتصر الحياة. بفضل ذلك يحفظ العقل ماء وجهه إزاء كل ماهو لا عقلاني. لا غيرالتجديف أو نشيد المديح قادر على أن يعطي لاوضوح الحياة. والذين لا يعرفون التجديف ولا الغناء لايبقى أمامهم إلا الهروب : المفارقة هي شكل اللاعقلانية المبتسم.
- المفارقة بالنسبة للمنطق هي تسلية غير مسؤولة ، وللعقل السليم ُبعد نظري للاطبيعية. لكن ألا تعلق المفارقات ما لا يُقطع : أحوال اللغو والنزاعات التي تسمّم ، تحت الجلد ، الحياة ؟ حين تتوجه ظلالها المضببة الى العقل لغرض الإعتراف يمنح هو همساتها شكل المفارقة الأنيق. والمفارقة الصالونية - أليست هي الشكل الأعمق الذي يمكن أن تكتسبه الخفة.
- المفارقة ليست حلا ، وهي لاتحسم أيََّ شيء. بمكنتها أن تكون زينة. لكننا نقدر أحيانا بفضل المفارقة ، على أن نحسّن شيئا – وهذا هو أكبر المفارقات.
- كل ما هو غير قائم في حدود العقل يدفع الى الشك. لكن في العقل نفسه لاشيء هناك. ومن هنا القوة المخصبة لفكر المفارقة الذي ملأ الشكل بالمضمون وسمح لتيارات العبث أن تجري بحريّة.
- المفارقة تضيف الى الحياة سحر العبث المليء بالمعنى... تعطيه ما أخذه منها في البدء.
- جميع الأفكار التي تفصلني عن الحياة تدفعني الى الجنون. الأبدية ؟ دفنُ الإنسان حيّا ً.
- كلما أقرأ المزيد من المتشائمين أتعلق أقوى بالحياة. بعد قراءة شوبنهاور ينتابني الأسف على أني لم أعقد خطبتي على إحداهن.
- لو كانت الحياة فعلية فمن القادر على تحملها ؟ كحلم ٍ تكون هي مزيجا من السحر والرعب الذي ننقاد له بإرتخاء معطر. الروح هي كابوس الطبيعة.
- الحياة تملك شيئا من هستيريا نهاية الربيع والتابوت المعلق من طرف النجوم ، والعذرية المتعفنة ، والخطيئة المُزهِرة. إنها إتحاد للمقبرة بالجنة ...
- طالما أنا أحيا سوف لن أتبرأ ، وأيّ كان الثمن ، من الوعي بأني سأموت ، لكني أنتظر الموت كي أقدر فيه على أن أنسى هذه اللعنة.
- لو نبعتْ من النجوم قطرة واحدة من بلسم النسيان لعصرتها ، أو لرجوت الشيطان من أجل دمعة لو قدر سمّها على طردي من هنا الى مكان بين الحياة والموت.
- عن أيّ شيء نتخلى ؟ عن المظاهر الخداعة. إنه تخلّ صعب للغاية ، فهذه هي " فحوى " الحياة.
- كلما تصبح طبيعيا أكثر تبتعد أكثر عن الحقيقة وتقترب من الحياة.
- لاوجود للحياة ، أما الموت فهو حالة حلم من أحلام النوم. العذاب إخترع الأولى و الثاني كي يبرر نفسه ذاتها. الإنسان قادر وحده على التعب بين اللاواقع والتصوّر.
- الحياة فيها الفائض من الموت ولذلك تعجزعن أن تضيف شيئا.
- الجنة تئن في زوايا الوعي ، وتبكي أيضا أولى الذكريات. في هذا الأنين يظهر المعنى الميتافيزيقي للدموع والحياة كممارسة للشكوى. عندما تتشبع بأفكارك عن الموت فقط تأخذ بالتفكير: ألم تضع الوقت في كذبة ما ضخمة. وطالما وجدت نفسك فوق الموت ، والحقيقة أوطأ منك فقد يكون الأول والثانية مجرد محتالَين.
- ُمنحت الحياة أهمية أكبر مما هي في الجوهر ، وهذا خطأ إرتكب في الأنظمة المتداعية. والعاقبة هي أن لا أحد يريد التضحية من أجل الدفاع عنها وأن يموت تحت أول ضربة موجهة اليها. والى درجة أكبر يخص هذا الأمر الشعوب ، فهي حين تأخذ في معاملة الحياة كقدسية تكف عن الوقوف الى جانب تلك الأنظمة .
- يمكن الظن بأن المادة تحسد الحياة وتحاول متابعتها كي تكتشف نقاط ضعفها ومن ثم إنزال العقاب بها على مبتكراتها وخياناتها. فالحياة هي الحياة بفضل شيء واحد فقط : خيانة المادة.
- شيء رائع أن كل يوم يأتينا بدليل جديد على أننا نموت.
- إذا لم ترد أن يقودك السعار الى الموت عليك أن لا تعكر الهدوء على ذاكرتك . لا تنبشْ فيها.
- كل موت يشكك بكل شيء و يرغمنا على أن نبدأ ، بالحياة من جديد.
- كل شقاء مرئي من الخارج يبدو ضئيلا وغير مفهوم. وهذا البعد من أبعاد المسألة ينبغي الأخذ به إذا أراد المرء أن يتحمل الحياة.
- الفائدة الوحيدة من دفن الموتى هي أنه يمكننا آنذاك مصالحة الأعداء.
- وسائل حماية الحياة هي مضحكة إزاء الذين بمقدورهم تدميرها.
- ينبغي نبذ الحكم الإخلاقي على أيّ أحد كان. إذ لا أحد مسؤولا عن كونه من يكون ، كما أنه من غير الممكن تغيير الطبيعة الشخصية. هذا أمر واضح كالشمس والكل يعرفه . لماذا إذن التملق أو تلطيخ السمعة ؟ لأن معنى الحياة أن تقدّر وتصدر الأحكام ، فالكف عنها يتطلب ، و إذا لم يكن السبب هو الجبن ، جهدا كبيرا.
- الحياة هي ذائقة سيئة للمادة.
- الأمراض هي من أجل أن تذكرنا بأن إتصالنا مع الحياة قد يكون ُملغى في كل لحظة ُ.
- يتكثف كامل الفلسفة الهندية في المهابة - وليس من الموت بل من الولادة.
- أن تعيش يعني أن تدخل في إتفاقات. وكل من لم يمت من الجوع هو مشبوه.
- في البحث عن الصيغة التي ترضي الجميع إختارت الطبيعة الموت.
- حين كنت استمع إليه عند كلامه عن مشاريعه للمستقبل لم أقدر على نسيان أنه سيعيش أسبوعا واحدا لاغير. أيُّ جنون هو الكلام عن المستقبل ، عن مستقبله ! لكني حين خرجت من هناك أدركت أن الفارق ،في الأساس ، بين الكائن الفاني و المحتضر ليس بالكبير. ففي الحالة الثانية يكون العبث في وضع خطط للمستقبل هو مؤكد أكثر لكن قليلا فقط.
- عند الإحتضار نصبح أسياد العالم .
- كان غير محتشم حين مات. في الجوهر هناك شيء غير مناسب في الموت. وبالتأكيد يكون هذا البعد من أبعاد التفكير هو آخر شيء يخطر بالبال.
- مضيتُ بعيدا في البحث عن الشمس لكن حين تم العثور عليها كانت عدائية إتجاهي. ماذا لو رميت نفسي في البحر من ساحل شديد الإنحدار ؟ حين إنسقت الى أفكار سوداء و أنا أنظر في الوقت نفسه الى أشجار الصنوبر هذه و الأمواج شعرت فجأة كيف أني متصل بصورة غير منفصلة، بهذا العالم الجميل الملعون.
- الخروج من الحياة بلا أذى. يبدو تماما كما لوكان أمرا ممكنا. لكنه من دون شك لن يحصل أبدا.
- حين يقع الإنسان تحت سحر الموت يحدث كل شيء كما لو أن الإنسان عرفه من الوجود السابق ويرغب الآن ، وهو نافد الصبر ، أن يجد نفسه هناك بأسرع ما يمكن.
- لا يمكن التشكيك بالحقوق التي من أجلها يحيا الإنسان ومن دون التشكيك في الوقت نفسه بالأسباب التي من اجلها يكتب.
- الموت يتطلب خضوعا كبيرا . و الأمر الأكثر غرابة أن الجميع يلبون هذا الشرط.
- ليس هناك من فكرة أكثر إنقلابية ولا أكثر تطمينا من الفكرة عن الموت. و لاشك في أنه نتيجة هذه الخصيصة المزدوجة يلوكها المرء بلا إنقطاع وهو غير قادر على تركها. و ياله من حظ سعيد العثور في اللحظة نفسها على السمّ و الترياق ، و أن على الوحي الذي يقتلنا و يسمح لنا بالحياة ، هذا السم الحقيقي والمقوّي.
- الحياة والموت يملكا ن على السواء القليل من المحتوى. و لسوء الحظ ندرك هذا بصورة متأخرة حين لا يعيننا هذا الإدراك كي نحيا ولا كي نموت.
- الموت قائم منذ البدء ولم يفقد شيئا من طراوته . وفي هذا يكمن جوهر السرّ.
- أن تموت يعني أنك تغيّر الاسلوب ، أي أن تتجدد...
- الموت هو لاشيء بالفعل ، و في أفضل الأحوال هو تمويه للسر كما الحياة نفسها. إنه دعاية مقابر ، معادية للميتافيزيقا...
- هذه العودة الى حالة غير محدودة لاينبغي أن تثيرنا بأيّ وسيلة. إنها ظاهرة مؤسية أيضا و إذا لم تكن جديرة بالإبتسام ، غير أنها توقظ فينا الهلع. لقدحان الوقت كي نفكر من جديد بالموت .
- في اثناء مراسيم الدفن جرى الكلام عن الظلال و النوم و التراب وما خُلِق منه. بعدها ومن دون أيّ مقدمة وعدوا الميت و الباقين كلهم بالحبور الأبدي . لقد أغاظني إنعدام الحزم هذا. إذن رفضتُ القسيس و الميت أيضا.
- في هذه الحديقة وكما في القصر الصغير المخصص للأعمال العبثية - الخيرية ، يرى المرء في كل مكان العجائز اللواتي هن باقيات على قيد الحياة بفضل عمليات متتالية. في الماضي مات الإنسان في بيته محافظا على كرامة الوحدة و الهجران. أما اليوم فهم يجمعون المحتضرين ويحشونهم بالأدوية كي يؤخروا موتا غير محتشم.
- أن تصدر على كل موضوع ، و موضوع الموت أيضا ، أحكاما لاتتفق فيما بينها ، هي الوسيلة الوحيدةكي تكون على وفاق مع النفس.
- إغناسي دي لويولا I. De Loyola [ مؤسس كهنوت الجزويت من القرن السادس عشر - ملاحظة المترجم ] الذي سادته الشكوك التي لا تُعرف طبيعتها ، يروي بأنه فكر مرة بالإنتحار. إذن حتى هو ! إن مثل هذا الإغراء شائع و متجذر على نطاق أكبر مما نتصوره. وهو في الجوهر يقرر مسألة شرف الإنسان في إنتظار اللحظة التي يصبح فيها ذلك الإغراء واجبا من واجباته.
- يبدأ العالم وينتهي بنا. ولايوجد شيء عدا الوعي ، فهو كل شيء ، وهذا الكل شيء يختفي معنا. وعندما نموت لانترك أيّ شيء. إذن لم هذا القدر من الضجيج حول حدث غير قائم ؟
- التفكير بالموت يستعبد الذين َيقدُم إليهم . في البدء فقط يحررهم و بعدها يصبح هاجسا ، وبذلك يكف عن أن يكون فكرة.
- لا أحد قادرا على تصفية تعقيداته ، ولريما إذا تغيّر تماما ، لكن هذا أمر لم يحدث أبدا. ولا أحد يعين ،هنا ، غير الموت ، فهو من يكسب النقاط و يفوز على الحياة.
- خلال آلاف السنين كنا مجرد فانين mortals أما الآن فقد حققنا التقدم و صعدنا الى مرتبة المحتضرين.