الضمير
- تسمح لنا حالات تأنيب الضمير وحدها بالشعور المؤلم بلارجعة الزمن. وحين نقول عن الخسارة التي لاتعوض نقوم بوصف هذه اللارجعة في المراتب الأخلاقية.
- الشر يكشف أمامنا الجوهر الشيطاني للزمن ، أما الخير فيكشف إمكانية الأبدية التي تكمن في الصيرورة. الشر هو تفاد ٍ ، أما الخير فهو حساب ُملهَم ، وليس هناك من وسيلة كي نميّز ، عقلانيا ، الأول عن الثاني ، فنحن جميعا نشعر بالجمر المؤلم للشر والبرودة الشَدَهية للخير. في عالم القيم تترجم هذه الثنائية الى أخرى أكثر عمقا : البراءة والتعرف.
- ما يميّز حالات تأنيب الضمير عن اليأس والحقد أوالخوف هوالإنفعال والعاطفة المتوقدة لما يعصى شفاؤه.
- ما يحيا وهومحروم من الذاكرة ، لم يترك الجنة أبدا : النباتات لاتزال تتمتع بوجودها هناك . لم ُيحكم عليها بالخطيئة أي ذلك العجز عن النسيان ، أما نحن أحوال تأنيب الضمير المتحركة هذه والى آخره والى آخره.
- هذه الحاجة الى تأنيب الضمير التي تسبق الخطيئة ، ماذا أقول ! بل هي تخلقه...
- كل ما لم ننساه يدمر نسيجنا. تأنيب الضميرهو نقيض النسيان. ويظهر ناشرا الرهبة مثل وحش من أزمنة سحيقة في القدم ، وبنظرة واحدة يدمرنا أو يصبّ في العروق رصاصا مصهورا.
- الناس البسطاء يعانون من تأنيب الضمير نتيجة حادث معين تماما كما لو أنهم عرفوا كل أسباب هذا التأنيب. هم يعرفون من أين تأتي أحوال تأنيب الضمير. لا جدوى من أن نقول لهم عن إشتداد نوبة الخوف ، فهم لايفهموا قوة العذاب غير المجدي.
- تأنيب الضمير، الميتافيزيقي هو إضطراب من دون علة ، قلق أخلاقي كائن في مكان ما عند هامش الحياة. وأنت لم تفعل شيئا قد تندم عليه لكن يعذبك الشعور بالذنب. أنت لاتتذكر أي شيء رغم أن الماضي يهاجمك من دون نهاية الألم. ورغم أنك لم تفعل شرّا تشعر بالمسؤولية عن كل شرورالكون.
- أنت تشعر كشيطان تعذبه الشكوك. مبدأ الشر المتورط في مسائل الأخلاق قد وضع أمام ضرورة الحلول الفورية.
- كلما أظهرت اللامبالاة إزاء الشر بصورة أوضح تكون أكثر قربا من التأنيب الأساسي للضمير الذي يحصل أن يكون منبعه عكرا : حينها يثقل عليك غياب الخير.
- القرمزي هو لون تأنيب الضمير. ( وما يدهش فيه ويثير القلق هو أنه يولد من عراك الإستخفاف مع الميلانخوليا ومن إنتصار الثانية).
- حالات تأنيب الضمير هي البعد الأخلاقي للحسرة ( التي تصبح مشكلة لكن ليس حزنا ) ، الحسرة التي ُرفعت الى مستوى العذاب. وهذه الحالات لا ُتنهي أيّ مشكلة - ومنها يبدأ كل شيء. الأخلاقيات تظهر مع أول إهتزازة للضمير.
- تدفعنا القوة المؤلمة لحالات تأنيب الضمير الى أن نقوم من دون رادع وعبثا ، بالتفريط بالنفس. الشيء الوحيد القادر على إنبعاث صورتها هو البحر ودخان السيجارة.
- الخطيئة هي التعبير الديني عن حالات تأنيب الضمير، والحسرة هي تعبيرها الشعري : الأول يقرر حدودها العليا ، والثانية حدودها السفلى.
· يصيبك اليأس من شيء تكون أنت سببه... كان بمكنتك أن تعطي الأحداث مجرى آخر لكن الجاذب الى الشر أوالفظاظة إنتصر على التأمل الأخلاقي. في أحوال تأنيب الضمير يختلط اللاهوت بالفظاظة. ومن هنا معناها المزدوج.