الكتابة ـ الكتاب
- لا تكتبْ شيئا تحمّر خجلا بسببه في لحظات الوحدة النهائية. بالأحرى ليكن الموت ولا الإحتيال والكذب.
- حين يحل الشقاء ويصبح المرء " كاتبا " يكون صعبا أيضا تحمّل المجهولية والشهرة على السواء.
- كفَّ هو عن الكتابة إذ لم يكن عنده ما يمكن إخفاؤه.
- لا تضيع الوقت في إنتقاد الآخرين وملاحقة مؤلفاتهم ، قمْ بعملك ، وكرّسْ له جميع الساعات. الباقي هو محض لغو أو فبركة. تمسكْ بما هو حقيقي فيك حتى لو كان " أبديا ".
- تأتي الشهرة الى المؤلف حين لا يملك أيّ شيء لقوله ، إنها تكريسٌ للجثة.
- يستحق الإحتقار من إلتصق بشهرته ولايشعر بأنه قد أُُهين بها وُجرح.
- مواهب كثيرة تذهب هباء ولأنها لا تعرف الحدود.
- ممتلكات الكاتب هي أسراره وهزائمه الملموسة التي لم تكن كلها موضع الإعتراف ، وأحوال العار المختمرة فيه ، وكلها ضمانة خصبه أيضا.
- لاينبغي التوقيع على ما نكتبه. فإذا كنا نبحث عن الحقيقة أي شيء يعنيه الإسم ؟
- كل بيت من شعر بودلير يقول للإنسان أكثر من أرفع أفعال القديسين.
- الذروة التي يمكن للنثر أن يصلها هي الإحتكاك بالسمو وإذا شبع منها يصبح مضحكا ومنفوخا وغير لطيف.
- لا قيمة للكاتب الذي ليس هو في الحياة إنسانا غير جريء.
- من الأحسن للكاتب أن يكتب ومن دون القول بشيء. الكتابة هي تمرين ، أما القراءة فلا.
- عاش قبل الحرب شاعر عجوز ومريض ، كان منسيا تماما. و كنت قد قرأت بأنه أمر زوجته بأنه غير موجود في البيت وأيّ كان السائل. وبدافع الشفقة كانت الزوجة تدق الباب أحيانا ...
- تسهل الكتابة حين يكون موضوعها شيئا آخرغير نفس الكاتب ...
- كي تصبح كاتبا لا يكفي الموهبة ، ينبغي أن تعرف كيف أن لا تنسى أيَّ شيء. الكاتب الكبير هو إنسان ملؤه الإستياء.
- جيمس جويس : إنسان القرن ذو الكبرياء الأكبر. لذلك أراد بعناد ربٍّ مجنون ، وقد نجح جزئيا ً، تحقيق غير الممكن. ومن هنا أيضا أنه لم يعقد أبدا إتفاقات مع القاريء كما لم يسع الى أن يكون سهل البلوغ بأيّ ثمن. لقد وصل الذروة في اللاوضوح.
- الكتاب هو إنتحار مؤجل.
- لايمكن القول لاشيء عن اللاشيء . ولذلك يمكن كتابة الكتب ، وبدون عقاب ، عن كل شيء.
- النقاد هم القوّادون في الأدب ...
- القاريء المحموم هو قاض سيء دائما. لكن المؤلف المحموم ليس بالضرورة كاتبا رديئا.
- المفروض بالكتاب أن يسبب الجروح في نفس القاريء.
- منذ قرنين ظهرت كل أصالة كنقيض للكلاسية المُحدَّثة. فكل شكل ، أو صياغة ، لم ينشأ إلا كردِّ فعل على تلك الظاهرة. وكما يبدو لي يكون الميل الأساسي للعقل المعاصر تفتيت الإنجازات السابقة. وبمعزل عن أيّ حقل من الفن يحدث ذلك فكل أسلوب يؤكد على مواجهته ل( الأسلوب ).
- لا أطيق الكتاب الذين يأخذون بأسلوب روسو Rousseau ووسموا بميسمهم الكثير من الأجيال ، وكانت أفكارهم ذات مدى لا يتناسب مع قيمتهم. هم شمس زائفة.
- الأسلوب الشعري ، فايروس النثر هذا ، يفسخه ويدمره : النثر الشعري هو نثر مريض. والأكثر من ذلك لا أصاله فيه : المجازات المستخدمة من قبل جيل تبدو مضحكة في عيون الجيل التالي. سان – آفريمون Saint – Evremond ، مونتيسكيو ، فولتير أو ستندال كما لو أنهم صاروا معاصرينا ، ولأنهم لم يرتكبوا ذنوب الشعرية ولا الفائض من الصور. النثر هو تقريري ، والمفروض بالناثر أن يتغلب على أول رد فعل ، و يدافع عن نفسه أمام إغراء الصراحة : إن كل حالات الخطأ في الوصول الى الهدف من ناحية الذائقة إنما ينتج من ( القلب ). إن ( شعبيتنا ) الداخلية هي المسؤولة عن إنفعالاتنا وتطرفاتنا : فأي شيء أكثر عاميةً من الإحساس ؟
- الشعر الحقيقي يبدأ من تجربة المحتم. الشعراء العاديون وحدهم هم الأحرار.
- الويل للكاتب الذي لا يعتني بشعوره بالعظمة و يرى من دون رد فعل كيف يضعف شعوره بالتفوق ، وفي القريب سيقتنع كيف يمكن الصيرورة ، وبدون عقاب ، واحدا طبيعيا.
- قلت مرة لأحد الأصدقاء رغم أني لا أؤمن بالكتابة لكني لا أريد التخلي عنها ، وإن الكتابة وهمٌ يسهل تفسيره ، فبعد خربشة صفحة أو حتى جملة واحدة تجيئني الرغبة دائما في أن أصفر.
- قرأتُ كتابا عن الشيخوخة ، وما رغبّني في القراءة صورة المؤلف : هذا المزيج من إبتسامة مفتعلة والتوسل ثم ذلك التعبير المنطفيء للإنذهال - يالها من دعاية ، وأيُّّ ضمانة هي!
- الكائنات التي تسري فيها الحياة تحت أبصارنا في ( المفتش العام ) أو ( النفوس الميتة ) هي " لاشيء " – هكذا لاحظ أحد كتاب السيرة. وفي سيرورة شيء " لاشيئا " يكون هو " كل شيء "
- النقد هو عبث : ينبغي القراءة وليس لفهم الإنسان الآخر بل لفهم النفس.
- لدى بروست يكون الخطأ الأكبرهو تلك المقاطع التي لا تعني أيّ شيء والمليئة بكثير الكلام المسبب دوار الرأس ، ثم ضباب الأسلوب الرمزي وجمع التأثيرات والتشرب بالشاعرية. إن الحال هنا كما لو أن سان – سيمون قد خضع لتأثير بلاغة سليمان الحكيم.
- أن تمرَّ بتجربة كتاب تدميري هو أمر يصعب تحمله على القاريء والمؤلف على السواء.
- بالنسبة لمالارميه المحكوم عليه ، كما ذكر ، بالأرق التام لا يكون النوم " حاجة ضرورية " بل " رحمة ". فالشاعر الكبير وحده سمح لنفسه بمثل هذا الطراز غير الصحي من الحياة.
- الفلاسفة يكتبون لأساتذة الجامعات ، والمفكرون للكتاب.
- هناك حيث يسود الوثوق لا تبرز قضية الأسلوب : الحرص على الفصاحة يميّز الذين لا يعثرون على التهدئة في الإيمان. وبسبب إنعدام السند يتشبثون بالكلمات – مظاهر الواقع الخداعة ، في حين أن الآخرين ، الأقوياء بفضل معتقداتهم ، يحتقرون قابلياتهم و يلتذون بالراحة التي يأتي بها الإرتجال.
- بعد شكسبير ودوستويفسكي بمقدورنا أن نكون حكماء. بسببهما عثر الناس من جديد على عذابهم وبدأوا ، بعد الفراق مع الذكرى الأولى ، التباهي بفقدان الجنة .
- في فترة أفول القرون الوسطى ظهرت كتب لمؤلفين مجهولين بعنوان " فن الموت ". كان الإقبال عليها منقطع النظير. هل أن كتابا شبيها بها يحرّك اليوم مشاعر أحد ؟
- شكسبير ودوستويفسكي ُيبقون في قلبك حزنا مؤلما لكونك لست قديسا ولا مجرما. فهذا هو شكلان للتدمير الذاتي.
- الشعر : آلة النرجسية التي هي في حِداد.
- أكتبْْ الكتب إذا أردت فقط أن تقول فيها تلك الأشياء التي لما جرؤت على البوح بها لأحد.
- كان دوستويفسكي الإنسان الأخير الذي جهد في إنقاذ الجنة. لكنه نجح فقط في زيادة الضعف إزاء حالات السقوط ، ونتيجة لذلك أجهز نهائيا على الجنة وحنيننا إليها.
- ُتتعِبني سريعا قراءة الرسائل التي يجري الكلام فيها عن النقاشات والأسئلة الميتافيزيقية فقط. في كل شيء هناك حاجة الى العادية كي يمكن إمتلاك الإنطباع بالحقيقة. فلو بدأت الملائكة تكتب لكان من غير الممكن قراءتها ماعدا كتابات الملائكة الساقطين. النقاء صعب التقبل ولأنه غير متفق مع الإلهام.
· - في ( الملك لير ) ُيعرّف شكسبير الجنون كفصل للروح عن المرارة.
· - أن تقرأ وتتشرب بسيرة بعد أخرى كي تقتنع أحسن بلامعنى كل عمل ، بكل مصير.
- يرافق نشر الكتب نوعا من المشاكل شبيها بذلك النوع عند الزواج والدفن.
- قرأتُ " المركب السكران " على واحد لم يعرفها وغريب عليه الشعر. بعد القراءة علق قائلا: ( يمكن الحكم بأنها من مؤلفات الدرجة الثالثة ). طيّب ، لكل واحد الحق في التعبير عن رأيه .
- كتبي ، عملي ... إنه ُبعدٌ غروتسكي لضمائر التملك. كل شيء أصبح سيئا منذ أن كف الأدب عن أن يكون مؤلفه مجهولا. التدهور يبدأ مع أول مؤلف.
- في عام 1849 كتب سان – بيف أن الشباب يدير ظهره للمرض الرومانسي كي يحلم ، محاكيا السان- سيمونيين ، ب" إنتصار الصناعة الذي لاحدود له ". وهذا الحلم المحقق كليا ، يسيء الى كل عمل من أعمالنا ولفكرة الأمل نفسها أيضا.
- مادة الأدب هي الجزء المرصوف من البشرية. الكاتب يهنيء نفسه على دهاء آدم ولا يثرى إلا في هذا القياس الذي يتقبله كل واحد منا ويعيد عمله من جديد.
- يوفيناليس أخر شاعر كبير لروما ، ولوقيان أخر كاتب ملحوظ لليونان ، مارسا السخرية. وكان هذان العمل الأخير لكلى الأدبين. هكذا ينبغي أن ينتهي كل شيء سواء أكان أدبا أو شيئا آخر.
- يملك الكاتب الروائي أو الكاتب المسرحي ، حظا كبيرا ، فهما حين يعبّران عن طريق مؤلفاتهما ، يستطيعان التخلص من نزاعاتهما الداخلية ، والأكثر من ذلك التخلص من جميع هذه الشخوص التي تتجادل في داخلهما ! لكن الحال مغايرة لدى كاتب المقال الذي صار مربوطا بالمباديء غير المُكافئة لهذا الصنف والتي ترغم المؤلف على التعبير عن عدم تكيّفه ونقض نفسه مرة بعد أخرى. إنه أكثر حرية في كتابة القول المأثور aphorism : في إنتصار الأنا المربوطة.
- النقدية Criticism هي سوء إدراك ٍ : علينا ان نقرأ و ليس لكي نفهم الآخرين بل أنفسنا.
- العراك مع الورقة البيضاء. ياله من أفق لووترلو Waterloo !
- لو أنسقتُ الى أول حركة لا إرادية لقضيتُ الأيام في كتابة رسائل قدح ٍ وأخرى وداعية.
- الحياة كلها هي قصة التدهور. والسِيَر المكتوبة مثيرة لبالغ الإهتمام ، فالأبطال و الجبناء على السواء لايفعلون شيئا آخر عدا الإبتكار في فن التدهور
- بم نجيب الضريرة التي تشكو في بيت ريلكه : " لا أقدر على مثل هذه الحياة والسماء في ّ " ؟ هل تشعر بالسلوان إذا قالوا لها إننا لانقدر على الحياة و الأرض تحت أقدامنا ؟
- لماذا كتابة المؤلفات التي تمنح العزاء طالما أن فريقها يتكون من إثنين أو ثلاثة.
- إن تفسير تولستوي كخطيب هو أنه كان لديه تلميذان إستخلصا الإستنتاجات من مواعظه : فيتغنشتاين وغاندي. الأول وزّع ثروته ، والثاني لم يضطر الى توزيعها.
- " لماذا المقاطع fragments ؟ " إتهمني ذاك الفيلسوف الشاب. أجبته : " بسبب الكسل والخشية من النفور، لكن لكثير من الأسباب الأخرى أيضا ... " – وحين لم أعثر على أيّ واحد منها أخذت أسرف في إيضاحات بدت له جادة ، وفي الأخير هي أقنعته.
- نماذج للأسلوب : اللعنة ، التلغرام ، الكتابة على شاهد القبر epitaphium .
- لاينبغي إرغام النفس على كتابة عمل. يكفي شيء واحد فقط يمكن الهمس به في أذن سكير أو محتضر.
- من بودلير نعرف أن الديدان لاتملك عيونا ولا آذانا. نحن لم نفكر بهذا الأمر. لم نفكر بأن الحياة هي محض َشدََه الديدان في الشم . السعادة ؟ هي رقصة مينويت menuet للديدان.
- مهما كانت درجة معرفتنا بعمليات العقل نحن لانفلح في التفكير أطول من دقيقتين الى ثلاث دقائق في اليوم - وربما بدافع الميول أو المهنة نتمرن طوال ساعات في توحيش brutalization الكلمات وسلخها عن الأفكار. المثقف intelecualist هو أكبر وباء وقمة هزائم " الإنسان العاقل homo sapiens ”.
- ولد الشعر على شاطيء البحر وليس في المدن والسهول ولا في الجبال. يدل على ذلك بأحسن صورة أن ليس هناك بحارمرحة.
- يقول دوستويفسكي : " العذاب ؟ إنه السبب الوحيد للوعي. " ينبغي تقسيم الناس الى مرتبتين : الذين يفهمون هذه المسألة والذين لا يفهموها „.
- لست شقيا الى هذا الحد كي أكون شاعرا ، ولا مبال كي أكون فيلسوفا. لكن عندي القدر الكافي من البصيرة كي أكون محكوما عليه.
]</A>