محمد اكويندي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

محمد اكويندي

مرحبا بكم في منتدى محمد اكويندي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رؤية المسرح الفلسطيني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سالم اكويندي




عدد الرسائل : 3
تاريخ التسجيل : 24/12/2006

رؤية المسرح الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: رؤية المسرح الفلسطيني   رؤية المسرح الفلسطيني Icon_minitimeالأحد ديسمبر 24, 2006 4:45 am

سالم اكويندي

ان ما يسجله جان جينيه في شاتيلا هو فظاعة المجازر التي ارتكبها شارون في بيروت ضد اللاجئين الفلسطينيين ويأتي هذا التسجيل الذي اطلعنا عليه كشهادة اثبات علي نوايا الابادة الجماعية لشعب والتي بدأها شارون منذ عشرين سنة خلت، وكأن ما يعاوده الان هو استكمال لما قامت به الهاغانا سنة 1948، ان جان جينيه الكاتب الفرنسي والمحتفي به لم يسجل الا ما يمليه ضمير الكاتب الذي رفض ان يكون آلة في جوقة مادحي مجرمي الحرب، اذ عاني هو ايضا فظاعة الاحتلال النازي وقاومه كمجند، وبنفس الاحاسيس والمشاعر تأتي شهادة جان جينيه في عرض مسرحي حاول مخرجه عبد الواحد عوزري جاهدا استنطاقه لانبات هذه الشهادة رغم استعصاء كلماته التي تأبي الا ان تأتي هي الاخري محملة بشحنة الصدق الغاضب لفضح صور الموت ومآسيه والممارس بمنهجية قاتل يتلذذ برؤية الدم وفورانه من اعناق الذبائح في حرفية لا تفصح الا عن مدي الحقد والكراهية للانسانية. اذ لا يقوي علي ممارسة هذه المجازر الا محترف مجنون مأخوذ بهواجس الخوف من الآخر ومحاورته. وكأن هذه الندية شيء مثير لحيوانية اسطورية لا زالت تجثم بثقلها علي كل كاره للحياة في تلوينها لدي الناس البسطاء، شعب مستكين لما تحمله بوادر السلام ولم يعد له من درع الا هذا الجسد الذي يحتمي به ويفجره أملا في الاقتراب من بوادر السلام والاعتراف به كمقاوم في جبهة الامل هاته. ألم يكن المصارع الطاوي مناضلا بجسده وجاء تعبيره صادقا عندما ابتدع المقاومة باليد الفارغة احتراما لتعاليم البوذية؟ وكأن هذا الجسد المكتشف في تعبير المسرح ينشد حمايته وصيانة كيانه عندما يتناثر في التراب وهو تراب مبارك يرعي ما تبقي من القبيلة وهي آخر القبائل في الكرامة وحب الحياة من الطمس والانمحاء.
ان ما اكتشفه المخرج المسرحي جواد الاسدي من قوة في التعبير الجسدي هو الذي جعله يرتبط بمسرحة وادرمة القضية الفلسطينية وجعلها نصا جسديا بعدما تأكد من موقعه كعراقي ان طريق الخلاص تبدأ من تفجير طاقة الجسد التعبيرية واطلاق عنانه ليصدح حرا في معانقة الهواء لعله يحمل بعض شظاياه وقدراته المختزنة أليس الجسد طقسنا الموحد والحامل لخطيئة الوجود، ولا تعني طهارته الا تفجيره المجازي للكشف عن اسرار الحياة ذاتها؟
ان تركيز العرض المسرحي علي الجسد، واعتباره اَلة الممثل الاولي لم يكن تركيزا اعتباطيا. ومن هذا البعد جاءت محمولات خطاب جان جينيه في تحركات ثريا جبران، كما انها كانت معبرة فيما انتقاه جواد الاسدي كموضوع للمسرح، خاصة في عرض مسرحية المجنزرة ماكبث. هذا الجندي الدنماركي الذي اكتشف ضياع مملكته فأصبح مجزرة تجرف كل ما يصادفها، ومعني المجنزرة هنا قائم علي الجسد وقدرته التعبيرية والساعي لاسترداد ما تبقي له من هوية تربطه بالارض والتوحد معه وكأننا بهذا المعني نعود الي الاصل الترابي كعنصر من عناصر الشخصية الانسانية في دلالتها الثقافية. وقدرنا كفلسطينيين هو ان نكتشف هذا العنصر في شخصيتنا امام آلة الحرب العرقية التي يقودها شارون، فأي جينيوم سنبتدع غير هذا الجسد العاشق لاصله وهنا تكمن قوة المسرح الفلسطيني الذي اهتدي اليه جواد الاسدي وحاول من خلاله ابراز الشعب الفلسطيني وضراوة مقاومته للاقتلاع والتي لا تعادلها الا ضراوة عشق الحياة وحب البقاء.
كم كانت قوية لحظات السرد الدرامي الذي اعتمدته ثريا جبران وهي تحاور تمثلاتها الجسدية بقدرة لاعادة موقعة هذا الجسد في اصله وكأنها طفلة او ام او زوجة تعيد احتضان رحم الوجود وفي مسرحة معبرة عن تخيلها للطاغية الممتد كالليل من الارض الي السماء حاجبا ضوء الصباح، شبح تخترقه فسحات التواء الجسد وايقاعه نحو بقع النور وكأن جسد ثريا يخترق التحافات الظلام في انفجارات الجسد واعادة لملمته في ثنايا الحكي المرئي وكأنه حكي يعيدنا للفلسطيني الذي فينا وكما حدده جواد الاسدي في تعبيره هذا. أليس الجسد هو خندقنا الذي نحمله ويحملنا نختبئ فيه ويختبئ فينا وكأننا روحان حللنا بدنا في قدسية صوفية تنشد الشطح انفجارا للحلول والتوحد بالتراب استجابة لنداء الطبيعة المحرر لطاقة الانسان وقدرته علي التحمل.
اربع ساعات في شاتيلا كانت كافية لفضح الجبن والكراهية حيث كانت هذه الساعات الاربع توقيعا جسديا في مسرح فلسطيني يحيي فينا الاصل ويعيد الامل لفداء ما تبقي من الانسانية فمرحبا للمسرح الفلسطيني الذي اهتدي للجسد كطقس وشهادته.
كاتب من المغرب


عدل سابقا من قبل محمد اكويندي في الإثنين ديسمبر 25, 2006 6:43 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رؤية المسرح الفلسطيني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
محمد اكويندي :: التصنيف الأول :: منتدى المسرح-
انتقل الى: